U3F1ZWV6ZTgxOTkyNDEzMzBfQWN0aXZhdGlvbjkyODg2MDk0Nzg0

إله الكلمة الأخيرة - بقلم د. ماهر صموئيل





ولما علم مردخاي كل ما عُمل، شق مردخاي ثيابه ولبس مِسحًا برماد... وفي كل كورة حيثما وصل إليها أمر الملك وسُنته، كانت مناحة عظيمة عند اليهود ( أس 4: 1 - 3)

إننا لا نتعجب كثيرًا من موقف عموم شعب اليهود على المناحة العظيمة، فقد كانت شركتهم مع الله مقطوعة لسنين كثيرة، إلا أننا لا نستطيع الصمت بإزاء موقف مردخاي، رجل مخافة الرب والإيمان الثابت. بل لا بد أن نوجه له عتابًا خفيفًا فنقول له: "هل نسيت إله الآباء الذي يشهد عنه كل تاريخكم؟ أ لم تتعلم من هذا التاريخ المسجل في كتاب الله، أن الرب إلهكم كان هو دائمًا «الآخر»، الذي بعد قوله لا آخر؟ لماذا تسرعت واعتبرت أن هذه هي النهاية، بينما الله لم يَقُل كلمته بعد؟ كان ينبغي أن يكون أول رّد فعل لك هو أن تذهب بهذا القانون إلى «الآخر» لتقول له: "ها هم قد قالوا كلمتهم. فقُل أنت كلمتك يا سيدي. ها هم قد قالوا ما قالوا، لكن ... ما دمت أنت لم تَقُل كلمتك بعد، فهيهات أن تكون كلمتهم هي الأخيرة، فقُل كلمتك أيها الأول والآخر". لماذا لم تتعلم من دانيال وأنت لا تفصلك عنه سوى سنوات قلائل، وقد كان يعيش في المدينة ذاتها، ويعمل في القصر نفسه، وتحت ظل الشريعة عينها؟ أ لم تعلم بتصرفه يوم استصدرت الثعالب قانونًا لا ينسخ لإهلاكه؟ لقد سجل لنا الروح القدس رد فعل دانيال مُستهلاً حديثه بعبارة مُشابهة تمامًا لِما بدأه به حديثه عنك يا مردخاي، وكأنه يلزمنا أن نقابل بينه وبينك، فهو يقول عن دانيال: «ولما علِم دانيال بإمضاء الكتابة ...» ( دا 6: 10 ). بينما يستهل حديثه عنك أنت بالقول: «ولما علِمَ مردخاي كل ما عُمل، شق ثيابه و...»!

لم يشق دانيال ثيابه، بل مضى إلى بيته وفتح كواه نحو أورشليم! ولم يصرخ في وسط المدينة، بل صرخ لله في عُليته! ولم يلبس مِسحًا، بل طفق يصلي وانطلق يحمد العلي القيّوم كما تعوَّد!! ولم ينجح القانون الذي لا يُنسخ، ولا ظلام الجُب، ولا زئير الأسود، أن يهز شعرة واحدة من رأسه!! ذلك لأنه كان يعلم عميقًا في قلبه أن الكلمة الأخيرة ليست لهم، ولا لقانونهم، بل لإلهه، هذا الإله الكبير العظيم القوي صاحب السلطان، والذي هو وحده الآخر، وكلامه هو فقط الكلام. لذا كان حري بمردخاي، وحري بنا نحن الآن، أن نذكر أن هذا الإله العظيم لا يقدر أن ينكر نفسه، فهو في ذاته «الآخر»، ولذا فهو لم ولن يفرّط في حقه أبدًا في أن تكون الكلمة الأخيرة له وحده، تعالى وتبارك اسمه المجيد إلى الأبد.

                                                                                                               د. ماهر صموئيل

الاسمبريد إلكترونيرسالة