U3F1ZWV6ZTgxOTkyNDEzMzBfQWN0aXZhdGlvbjkyODg2MDk0Nzg0

رسالة التجسد تكشف من هو المسيح وما هي حالة العالم - د. ماهر صموئيل - اجتماع الحرية - (1)


رسالة التجسد تكشف من هو المسيح وما هي حالة العالم - د. ماهر صموئيل - اجتماع الحرية -(1)

التجسد، لما أتى الله في صورة إنسان.  هذا السر العظيم، هذا الفعل العجيب - ”الله ظهر في الجسد“ - له رسالة.
هذه الرسالة باختصار توضح لنا حقيقة يسوع المسيح - من هو.  وحقيقة العالم أيضاً، ماذا يكون.
من إنجيل يوحنا، سوف أقرأ السبع مرّات التي فيها الرب يسوع، له المجد، قال:  أنا هو“.
المسيح كشف عن نفسه في سبع عبارات يبدأها بالقولآنا هو“. 
يوحنا ٦، عدد ٣٣ - لِأَنَّ خُبْزَ ٱللهِ هُوَ ٱلنَّازِلُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ ٱلْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ».  فَقَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هَذَا ٱلْخُبْزَ ».  فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ ٱلْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلَا يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلَا يَعْطَشُ أَبَدًا.
 في نفس الحديث، عدد ٤٧، يقول الرب:  اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. أَنَا هُوَ خُبْزُ ٱلْحَيَاةِ. آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا ٱلْمَنَّ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ وَمَاتُوا. هَذَا هُوَ ٱلْخُبْزُ ٱلنَّازِلُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ ٱلْإِنْسَانُ وَلَا يَمُوتَ. أَنَا هُوَ ٱلْخُبْزُ ٱلْحَيُّ ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا ٱلْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى ٱلْأَبَدِ. وَٱلْخُبْزُ ٱلَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي ٱلَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ ٱلْعَالَمِ ».
في يوحنا ٨ : ١٢، كان يسوع في الهيكل، في اليوم الأخير العظيم من العيد، ووقف ونادى، ثم ختم حديثه بهذه الكلمات:  ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلًا: «أَنَا هُوَ نُورُ ٱلْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلَا يَمْشِي فِي ٱلظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ ٱلْحَيَاةِ».
أصحاح ١٠، مرتين الرب يسوع يعلن عن نفسه بالقولأنا هو“.  عدد ٧:  فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أنا   بَابُ ٱلْخِرَافِ. جَمِيعُ ٱلَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ ، وَلَكِنَّ ٱلْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ. أَنَا هُوَ ٱلْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى. اَلسَّارِقُ لَا يَأْتِي إِلَّا لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ. أَنَا هُوَ ٱلرَّاعِي ٱلصَّالِحُ ، وَٱلرَّاعِي ٱلصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ ٱلْخِرَافِ.
في أصحاح ١١، وبصدد إقامة لعازر، عدد ٢٤ -  قَالَتْ لَهُ مَرْثَا: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي ٱلْقِيَامَةِ، فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا ،
ثم في أصحاح ١٤، وبصدد حديث الرب مع التلاميذ، وبعد سؤال توما، عدد ٥ - قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ ٱلطَّرِيقَ؟». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلْآبِ إِلَّا بِي.
ثم في أصحاح ١٥، آخر مرة يتحدث الرب يسوع عن نفسه، باعتباره الكرمة، يقول في عدد ٥ (لم تأتي كلمةأنا هو، لكن في الأصل موجوده)  - أَنَا ٱلْكَرْمَةُ (نستطيع أن نقرأهاأنا هوالكرمة) وَأَنْتُمُ ٱلْأَغْصَانُ. ٱلَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ ، لِأَنَّكُمْ بِدُونِي لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَٱلْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي ٱلنَّارِ، فَيَحْتَرِقُ.  - آمين
في إتجيل يوحنا، أقوال كثيرة، الرب يسوع تكلم بها عن نفسه. وكان غرضه أن يكشف حقيقة نفسه - من يكون هو. 
ناس كثيرة تتسائل - أين قال المسيح أنه هو الله الظاهر في الجسد؟  وهذا سؤال في محلّه. 
لكن حابب أقول أن الإجابة على هذا السؤال - من السذاجة أن تتوقع أن المسيح يقف أمام شخص ويقول لهأنا الله“. 
لكن التعليم الصحيح يفترض قدراً من الذكاء عند السامع، عند التلميذ؛ يفترض قدراً من الرغبة في التعلم.  والمعلم يعطي التلميذ كل المعلومات الكافية التي يستطيع أن يستخلص الحقيقة منها.  هذا هو أسلوب التعليم الراقي والصحيح، الذي العالم كله يتجه اليه الآن. 
أن يقدم المعلم كل ال data، كل المعلومات التي تمكن المتعلّم من أن يستخلص الحقيقة.  وعندما يكون المعلم قد قدم معلومات كافية، والتلميذ لا يريد أن يستخلص الحقيقة، فالأمر واضح وضوح الشمس أن التلميذ لا يريد أن يرى الحقيقة. 
المسيح، ليس فقط واجه الناس بشخصه، بمعجزاته، بأعماله العظيمة، والتي تكفي للإعلان عن من يكون، ورغم أنهم رأوا، لم يؤمنوا.  لأنهم لا يريدوا أن يؤمنوا.  لكن المسيح قدم معلومات كافية عن نفسه.
قال عن نفسه أشياء لا يجرؤ أي شخص أن يقولها عن نفسه. 
وأي إنسان منصف، يجمع ما قاله المسيح عن نفسه، لن يعثر عليه قط أن يستخلص منها من يكون هو المسيح. 
إنجيل يوحنا مملوء بهذه الأقوال التي قالها الرب يسوع.
لكن سوف أرَكّز على هذه الأقوال السبعة التي تكشف من يكون المسيح، وتكشف أيضاً حقيقة العالم الذي نعيش فيه.
أنا في الحقيقة مشغول (ليس بماذا يكشف المسيح عن حقيقة نفسه، لأنه واضح من يكون المسيح)، لكن مشغول أكثر أننا نفهم حقيقة العالم الذي نحن فيه.
ما هي طبيعة العالم؟  يا ترى، ما هو الوضع الروحي والأخلاقي الذي عليه العالم؟  من الممكن الإستنتاج السهل.
في أول مرّة يكشف المسيح بالقولأنا هو، يقولأنا هو خبز الحياة“. 
هذا يعني أن العالم في حالة جوع. 
ثم يقول المسيح،أنا هو نور العالم“.  وهذا يعني أن العالم في حالة ظلمة،.
ثم يقول المسيح في يوحنا ١٠،أنا هو الباب“.  وهذا يعني أن العالم مطروح خارجاً، منفصلاً عن الله.  العالم في الخارج، في العراء.  العالم تائه، لا يجد طريقه الى الله.
لكن يقول المسيح أيضاً،أنا هو الراعي الصالح“.  وهذا يعني أن العالم بلا راعٍ. 
ثم يقول المسيح، في يوحنا ١١،أنا هو القيامة والحياة“.  وهذا يعني أن العالم في حالة موت.
ثم يقول الرب،أنا هو الطريق والحق والحياة“.  وهذا يعني أن العالم في حالة تيهان.  حتى إذا أراد أن يجد الباب، هو لا يستطيع أن يجده.  لأنه لا يجد الطريق الى الباب. فهو في حالة تيهان لا يعرف الطريق. 
ثم أخيراً، يقول الرب يسوع،أنا هو الكرمة“.  والكرمة، وظيفتها الأساسية أنها تعطي الأغصان أعظم إمتياز - تجعلها تأتي بثمر. 
وعندما لا يكون هناك كرمة، ولا غصن، ولا ثمر، هذا يعني أن العالم في حالة عقم. 
في مراجعة هذه الأشياء السبعة، ستجدوا أنهم ينطبقوا علي حال الناس.  وكانوا ينطبقوا على حالة كل شخص قبل أن يأتي الى يسوع. 
لكن بمجيئنا الى المسيح، نستطيع أن نجد فيه خبز الحياة، نستطيع أن نجد فيه الشبع، النور.  نستطيع أن نجد فيه الدخول الى الله.  نجد فيه الراعي الذي يقود حياتنا.  نجد فيه الطريق الذي يقودنا الى الله.  نجد فيه القيامة والحياة، ونجد فيه أيضاً الثمر والتأثير، ويجعل لحياتنا قيمة. 
سأمر على هذه الأشياء، وأوضح الأجزاء التي ذكر فيها الكتاب هذه العبارات.  لكن مبدئياً أقول شيئاً مهماً في اللغة في غاية الجمال.
الصيغة هنا، في اللغة اليونانية، غريبة بعض الشيء.  فالقاريء اليوناني، عندما يقرأ هذا الكلام، يشعر كأنه ركيك.  لماذا؟
كلمةأنا هو“ - باللغة العربيةأنا هو“.  باللغة الإنجليزيةI am“.  باللغة اليونانية، هناك كلمتين، أو تعبيرين، أو صيغتين يُعَبّروا عن كلمةأنا هو“. 
الصيغة الأولى - Ego.  كلمة Ego باللغة اليونانية تعنيأنا هو“. 
لكن توجد كلمة أخرى في اللغة اليونانية (اللغة اليونانية لغة ثرية) - صيغة أخرى تعبر عن نفس كلمةأنا هو“ - Eimi.  فممكن لو أراد أحد أن يقولأنا هو، يقول Ego، أو يقول Eimi. 
لكن الغريب جداً (في اللغة اليونانية، في إنجيل يوحنا) أن الرب يسوع في كل مرة ينطق فيها بهذه الكلمة، كان المفروض يقول Ego خبز الحياة، أو Eimi خبز الحياة.  لكن الرب يسوع كان يقولEgo eimi خبز الحياة“.  Ego eimiالراعي الصالح.  Ego eimi الباب“.  وهكذا في هذه المرّات السبعة.
عند القاريء اليوناني، هذه ركاكة، هذا خطأ.  ما هذا الذي يقوله.  المفروض أنه يختار واحدة من الإثنين.  لكن الشيء الجميل والبديع هنا - أن من يقرأ العهد القديم (في الترجمة اليونانية للعهد القديم، والتي إسمها الترجمة السبعينية) يعرف قيمة هذه العبارة. 
ان الرب عندما أراد أن يخرج شعب إسرائيل من أرض مصر، موسى سأله سؤال منطقي جداً - أنا أذهب للشعب وأقول لهم إن إله أبائكم أرسلني لكي أخرجكم.  أول سؤال سيسألونه:  ما إسمه؟ 
وكان الإسم الغريب الذي أجاب به الرب (لم يقل لهأنا الإله القدير.  أنا إله إبراهيم واسحق ويعقوب“)، لكن تقول لهم - ”أهيه أرسلني إليكم“.  أهية الذي أهية“.  بالإنجليزي: ”I am who I am“.  باليوناني، في الترجمة السبعينية، ترجموهاEgo eimi“. 
فالرب يسوع لما بيقولأنا هو خبز الحياة، يريد أن ينقلنا بعيد عن الناحية اللغوية الى بعد أعمق، فيقول: ”Ego eimi خبز الحياة“.  أنا هو، يهوه خبز الحياة“.  أنا هو، يهوه الباب“.  أنا هو، يهوه الراعي الصالح“.
لا شك أن في هذا صدمة للعقل اليهودي - معقول!! 
هذا الذي كان يمشي بين الناس.  هذا الذي ولد في مذود - هو نفسه الرب يهوه!!  نعم يا أحبائي.
وهذا شيء غاية في الغرابة.  سر.  لم يكن أحد يتوقع أن الرب الذي ظهر لموسى، والذي عندما عاند فرعون كلامه، ضرب الرب آلهة أرض مصر بعجائبه.  والرب الذي عندما نزل على قمة جبل سيناء، الجبل كله كان يدخن ويرتج، حتى أن وسيط العهد، موسى، قالأنا خائف ومرتعب“.  هل هذا الشخص يأتي ويمشي بين الناس في صورة إنسان!!  الحقيقة ليس هو شيء سهل.  لكن هذا هو التجسد. 
وهنا ليست فقط اللغه تقول أن الرب هو يهوه.  لكن أكيد يآتي سؤال - هل هذا الكلام منطقي؟  أن الله يأتي في صورة إنسان، ويمشي بين الناس؟ 
الحقيقة، أنا لا أرى أي مشكلة أن يكون منطقي.  بل بالعكس، أنا لو هشَغّل المنطق، أقول أن هذا الكلام عين المنطق.  وهذا الكلام كان لازم يحصل. 
سأقول لماذا هو منطقي.  لكن أحب أولاً أن أميّز بين المنطقي والمعقول.  نحن في مرّات بنلخبط بين الأمرين.  فلمّا شيء لا يدخل دماغي، أقول هو غير منطقي.  لكن أنا أقصد شيئاً آخر.  أقصد إنه غير معقول.  وأنا فعلاً أقول أن التجسد منطقي، لكنه غير معقول. 
ماذا يعني غير معقول؟  مثلاً، لو أنا قلت الآن ونحن في هذا المكان، دخلت زرافة في الإجتماع.  أكيد، أول رد فعل، ماذا تقول؟  مش معقول!“  طبعاً، مش معقول.  لكن السؤال - هل دخول زرافة علينا الآن، غير منطقي؟  فكّر فيها - هل هو غير منطقي؟  هل هناك إستحالة منطقية إن زرافة تدخل علينا الآن؟  لا، لا توجد استحالة منطقية.  لكن هي في الحقيقة تظل غير معقولة.  طبعاً، غير معقولة وغير مستساغة.  ليس من السهل أن العقل يقبلها. 
فإذا قصصت عليك حكاية هذه الزرافة، لكن في قرينة مختلفة، أقول - أنه قبل حضوري الإجتماع بنصف ساعة، قرأنا خبر غريب جداً على الإنترنت، إنه كان في شُحنة زرافات قادمة الى حديقة الحيوانات في الجيزة، وصلت المطار.  وفي الترلّة (حاملة الزرافات) الكبيرة التي تنقلها في شارع صلاح سالم، عند تمثال ما هناك، انقلبت الترلّة، والزرافات هربوا.  هذا كان الخبر.  وعند وصولي الى هنا، قلت لكم - على فكرة، ونحن جالسون الآن ممكن تدخل علينا زرافة.  فهل أصبحت الآن معقولة أم غير معقولة؟   أصبحت معقولة، لأن الحكاية تغيّرت. 
أما الشيء الغير منطقي - تغيّر حكايتك يمين، تغير حكايتك شمال، يظل غير منطقي.  لا يمكن أن يحدث. 
على سبيل المثال - لو قلت: فلان أعزب ومتزوج.  لا يمكن تركب.  لا في أمريكا تنفع، ولا في مصر تنفع، ولا في سايبريا تنفع، ولا في أي مكان.  لأنه إما أعزب، أو إما متزوج.   لا يمكن الإثنين في نفس الوقت بنفس المعنى، بنفس المفهوم.  ممكن تقول لي، نعم أعزب ومتزوج بمعنيين مختلفين.  يعني هو أعزب لأنه مخاصم زوجته؛ فهو بذلك أعزب لكن متزوج.  لا، أنا أقصد بنفس المعنى، بنفس المفهوم، في نفس الوقت - مستحيل.  أليس كذلك؟  حتى لو غيّرت الحكاية سيظل هذا الأمر مستحيل.  غيّر الحكاية، واقلب واعدل، وروح وتعالَ، سيظل هناك إستحالة أن الشخص يكون أعزب ويكون متزوج.  لماذا؟  لأن هناك قانون منطقي أن أَلِف لا يمكن أن يكون أَلِف وغير ألِف في نفس الوقت.  هذا قانون ثابت، إسمهقانون عدم التناقض“.  مثلاّ، لا يمكن أن يكون مُثلّث وله أربع زوايا.  ولو من الفين سنة تغيرت الحكاية، سيظل المثلث ثلاثة زوايا.
لا تستطيع انك تغير الحكاية لتتغيّر الحقيقة، أو تصبح مقبولة.  هذا غير منطقي.
السؤال الآن - هل التجسد غير منطقي؟  هل الله لا يستطيع أن يظهر في صورة إنسان؟  إنه غير معقول، وغير مستساغ.  لا يتكرر حدوثه. 
لكن سأغيّر الحكاية - لو الحكاية اللي عندك، إن الله بعيد في السماء؛ والله عنده ملائكة، وعنده دنيته فوق.  والبشر هم كائنات صغيرة، حقيرة.  آخرتها الموت، وسيأكلها الدود.  والذين هو سيرضى عنهم سيرسلهم الى مكان حسن.  والذين سوف لا يرضى عنهم هيحرقهم بجاز وسخ، أو ما هو أصعب من الجاز.  في ناس كويسة، وفي ناس سيئة.  وهو جالس فوق مستمتع بحياته، والناس اللي هيرضَى عنهم هيدخلهم، واللي مش هيرضى عنهم هيموتوا وهيأكلهم الدود، وهيتعذبوا، وفي الآخر كمان هيرميهم في النار.  هذه حكاية. 
ثم إذا كنت لا تريد أن تذهب الي المكان السيىّء، لكن تريد أن تذهب الى المكان الحسن، حاول إذاً أن تستعطف هذا الإله، وتحاول إنك ترضيه، وتحاول إنك تتملّقه لكي لا يغضب عليك. 
إذا هذه الحكاية عندكثم قلت لك إن الله أتى في صورة إنسان، يعيش بيننا، ويبكي بكانا، ويحبنا، ويلمسنا، ويتحنن علينا؛ أكيد الحكاية - مش معقولة.  متركبش طبعاً.  لأن صورة الله في ذهنك، وحكاية الله عندك لا يركب عليها هذا الكلام. 
لكن إسمح لي أغير لك الحكاية - -
أقول إن الله، رغم إنه عنده ملائكة كثيرين، تخدمه، لم ينقصه عبيد.  لديه الكثير من العبيد والخدم.  لكن الله فاض حبه، فقرر أن يأتي بأبناء كثيرين.  يريد أولاد يحبوه، ويدخلوا في علاقة معه، ويشتاقوا عليه وهو يشتاق عليهم، ويكلمهم ويسمعوه، ويوصيهم ويطيعوه، ويحبوه ويحبهم، ويعملوا وصاياه. 
فتشاور الله مع نفسه؛ ولأنه يريد أبناء لم يعمل ما عمله عندما خلق العبيد والحيوانات.
عن العبيد (الملائكة)، قال: ”الصانع ملائكته رياحاً، وخدامه لهيب نار. 
وعن الحيوانات، قال: ”لتخرج الأرض ذوات أنفس حية“. 
لكن عندما خلق الأبناء، تشاور مع ذانته.  في داخل ذاته كان هناك حديث - تكوين ١ : ٢٦ -
وَقَالَ ٱللهُ: «نَعْمَلُ ٱلْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا ، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ ٱلْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ ٱلْأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ ٱلدَّبَّابَاتِ ٱلَّتِي تَدِبُّ عَلَى ٱلْأَرْضِ». فَخَلَقَ ٱللهُ ٱلْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ ٱللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.  وَبَارَكَهُمُ ٱللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَٱكْثُرُوا وَٱمْلَأُوا ٱلْأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا»”
الله في حالة شوق لشريك له.  تخيل!  شريك على الأرض.  ليس شريك له في جوهره.  لأن لا شريك له في جوهره.  لكنه اشتاق لأبناء يشركهم معه في محبته، وفي ميراثه، وفي مجده، وفي غناه.  ليس فقط أنه يشركهم، لكنه يجعلهم شركاء في التسلط على الأرض فيتسلطون.  شركة وشراكة.  علاقة وسيادة.
أكيد هذه حكاية غريبة شوية على الله، لكن لو فكرت في أنفسنا - ما الذي يجعل شخص يُحب جدا فتاة، فيذهب ويتزوجها - منطقية أم ليست منطقية؟  أكيد، منطقية ومعقولة.
لكن ممكن نفهمها إنه ذهب ليتزوجها.  لكن ما أراه غريباً جداً، أنهم بعد أن تزوّجا، يختل عقلهم ويقرروا أن ينجبوا أولاد.  أهكذا الحال أم لا؟  يبدوا أنكم غير موافقين. 
فكّر في حجم الآلام والمتاعب التي يحصدها الآباء من وراء الأبناء.  ده غُلب. 
أنا دائما أقول - يوم أن قررت أن تُنجب، قررت أن تضع، بكامل وعيك وبكامل إختيارك، قلبك في يد إبنك.  إما أن يدفئه أو يكسره.  يا إما يطبطب لك عليه، يا إما يكسرهولك. 
إذهب تكلم مع أي أب، ستجد أن أكبر سر للأوجاع هو الأولاد.  وأكبر سر للأفراح أيضاً هو الأولاد. 
إذا فشلوا، إنكسر الآباء؛ وإذا نجحوا، سعد الآباء.  حتى لما بينجحوا، مش بينجحوا بالساهل؛ سهر ليالي. 
إذا مرضوا، الآباء تعبانين.  وإذا في صحة جيدة، الآباء خايفين لألًا يمرضوا.  إذا درسوا كتير يقوله يابني إرحم عينيك؛ واذا لم يدرسوا، يخافوا عليهم لألا يفشلوا. 
ما الذي يجعل الآباء يجازفوا وينجبوا؟. الحب.  يريدوا أن يشركوا آخرين في محبتهم.  يريدون علاقة، علاقة جميلة.  علاقة مكلفة، لكنها علاقة جميلة. 
** الله قرر أن لا يأتي بعبيد.  أن لا يصنع عبيد.  لكن قرر أن يأتي بأبناء؛ يجعلهم أبنائه، ويدخل معهم في شركة؛ ويكونوا شركاء له في الأرض. 
لكن لكي يفعل هذا، كان يجب أن يجعلهم شبهه.  لأن ممكن الشخص يكون في علاقة معينة مع كائنات أقل منه، لكن من الصعب جداً أن يكون في شركة حقيقية بينه وبينهم.  هل هذا مقبول؟
أعرف أصدقاء لي، عندهم كلاب في بيوتهم؛ اتفرج على منظر هؤلاء الأصدقاء في علاقتهم مع الكلاب اللي عندهم.  ياه، لما يدخل أحد أفراد البيت، الكلاب تعمل له حفلة كبيرة، ويهرّجوا ويهيصوا؛ ومن الممكن يصرف علي كلابه المال الكثير لأنه بيحب الكلب.  لكن هل تقدر تقول إنه في شركة فكرية وروحية مع الكلب؟  صعب.  لأن الكلب مهما أطاعه، ومهما عمل له حفلة، مهما كان جميل، ومهما لحس في رجليه، مهما كان لطيف، هايفضل كلب. 
والحياة الإنسانية تختلف عن الحياة الكلابية.  فلا شركة للحياة الإنسانية مع الحياة الكلابية؛ مع ان الحياة الكلابية جميله وكويسة ولها عملها.  لكن طعام الكلاب غير طعام البشر؛ ودواخل الكلاب - الكائن الداخلي للكلاب غير الكائن الإنساني.
فحتى يستطيع الكائن أن يدخل في شركة مع كائن آخر، يجب أن يكون هذا الآخر مشابهاً له. 
الاسمبريد إلكترونيرسالة