U3F1ZWV6ZTgxOTkyNDEzMzBfQWN0aXZhdGlvbjkyODg2MDk0Nzg0

المُنقذ المسكين - بقلم د. ماهر صموئيل

جميع عظامي تقول: يا رب، مَن مثلك المُنقذ المسكين ممن هو أقوى منه، والفقير والبائس من سالبه؟ ( مز 35: 10 )

هل من الممكن فعلاً أن ندعو الله ”إله المساكين“؟
أعتقد أن مَن يقرأ الكتاب المقدس بصفة عامة، وسفر المزامير بصفة خاصة، يمكنه أن يُجيب بالقول: نعم بكل تأكيد إن الله هو إله المساكين. هو إله لا يصغر المسكين أبدًا في عينيه. إن أكثر ما يحطم نفس المسكين هو احتقار الآخرين له لكونه مسكينًا، لكن عندما نتأمل هذا الإله العظيم نجده إنه يحب المساكين، ليس حب العطف الأبوي فقط، ويشفق عليهم ليس من قبيل الإحسان لمحتاج فقط، لكنه يقدِّر إنسانيتهم العاقلة، ويحترم كينونتهم الروحية. إن فقرهم المادي لا يرخص ثمنهم في عينيه، وانعدام جمالهم الجسدي لا يقلل إعجابه بهم ولهفته على الشركة معهم، وذلهم الاجتماعي لا يقلل من هيبة أرواحهم قدامه!! إنهم لا يصغرون أبدًا في عينيه، بل هو دائمًا يحبهم ويقدّرهم، وهم بدورهم يحبونه ويقدّرونه. يقول عنه داود بروح النبوة، مُشيرًا إلى المسيح: «لأنه لم يحتقر ولم يُرذل مسكنة المسكين، ولم يحجب وجهه عنه، بل عند صراخه إليه استمع» ( مز 22: 24 ). وفي مزمور12: 5 نسمعه يقول بفم داود: «من اغتصاب المساكين، من صرخة البائسين، الآن أقوم، يقول الرب. أجعل في وسعٍ الذي ينفث فيه» أي أن : اغتصابهم يقيمه، وصرختهم تنهضه ليخلِّصهم، إنه يتعاطف بكل قوته لحسابهم، بل من أعجب الأمور أنه عندما يتكلم عن نفسه ويكشف شيئًا عن أمجاده نسمعه يقول بلسان إشعياء: «السماوات كرسيِّ، والأرض موطئ قدميَّ .... وكل هذه صنعتها يدي» لكن العجيب أنه يضيف قائلاً: «وإلى هذا أنظر: إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي» ( إش 66: 1 ، 2) أي أنه يربط بين مجده ككلي الوجود، ومجده كالخالق واجب الوجود، بمجده كإله المساكين!!

وعلى الجانب الآخر نجد أن هذه العواطف من جانبه تفجر في المساكين كل ينابيع الحب له، وبالتالي يفيض من قلوبهم كل السجود له. اسمع مثلاً ما يقوله مسكين قد تمتع بمحبة إله المساكين واختبر نجاته، وتأمل عمق تأثره: «جميع عظامي تقول: يا رب، مَن مثلك المُنقذ المسكين ممن هو أقوى منه، والفقير والبائس من سالبه؟» ( مز 35: 10 ). واسمع آخر يقول واثقًا ومُسبحًا: «لا يرجعن المنسحق خازيًا. الفقير والبائس ليُسبحا اسمك» ( مز 74: 21 ).
د. ماهر صموئيل
الاسمبريد إلكترونيرسالة